خلال السنوات الأخيرة الماضية، زاد النقاش المجتمعي حول قوانين الأحوال الشخصية في مصر، من وجهات نظر مختلفة، ومن شرائح مجتمعية متعددة، حتى تعاطى معها المسلسل التليفزيوني فاتن أمل حربي. في ظل تلك العوامل، رأينا أهمية مناقشة المعضلات الخاصة بقوانين الأحوال الشخصية، من مشكلات موجودة في النصوص التشريعية، أو في تطبيق تلك النصوص.
في هذا الصدد قمنا بإعداد هذا البحث للوقوف على مدى تحقيق القوانين الحالية لاحتياجات النساء، والمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات داخل الأسرة، والوضع المعيشي للنساء في ضوء تلك القوانين. لتحقيق ذلك، استند البحث على المنهج التحليلي، الذي بدأ بتحديد المشكلات القانونية والعملية التي تواجه النساء من خلال الرجوع لنصوص القوانين، والمراجع القانونية المفسرة لها، وأحكام المحاكم ذات الصلة، كما استعرضنا الأدبيات التي تناولت نفس المسائل. ثم قمنا بتحليل تأثير تلك المشكلات مجتمعيًا على النساء من خلال استعراض البيانات الإحصائية للدولة من الزواج والطلاق ومعدلات العنف الأسري والتمكين الاقتصادي للنساء.
لذلك أفردنا هذا البحث لتناول قوانين الأحوال الشخصية، من منظور الفقه القانوني والأحكام القضائية المتناولة لها بشيء من التفصيل. يقسم البحث إلى ثلاثة أقسام رئيسية؛ أولًا النظام القانوني المصري، ونطاق تطبيق الدستور المصري للشريعة الإسلامية، من حيث معيار تطبيقها من ملائمة القوانين لها، الجهة المنوطة بمراقبة هذه الملائمة، والتاريخ التشريعي لقوانين الأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين. ثانيًا، تعاطينا مع أبرز القضايا الموجودة في قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين، من نفقة، ومسكن آمن وولاية على النفس والمال وإثبات النسب وتوثيق الأطفال وتعدد الزوجات. وثالثًا، تناولنا قوانين الأحوال الشخصية للمسيحيين، وعلى وجه التحديد المشاكل التي تواجه المسيحيات والمسيحيين في قوانينهم وإطار تطبيق الشريعة الإسلامية عليهم، فيما يخص الزواج والطلاق، والزواج المختلط، والميراث، والتبني.