نظرة على الطرق والمحاور الجديدة في الإسكندرية

طرق وكباري, كباري إسكندرية, المحاور, محور اسكندرية

مقدمة

مع بداية عام 2024، أُعلن البدء في عملية إيقاف قطار الإسكندرية الداخلي على ثلاثة مراحل، تبدأ أولها بداية من يناير بإيقاف القطارات العابرة بين محطة الإسكندرية (محطة مصر) ومحطة سيدي جابر، ثم بداية من شهر فبراير يتم إيقاف القطارات العابرة بين محطة المنتزة ومحطة أبي قير، وأخيرًا يتم إيقاف القطارات العابرة بين محطة سيدي جابر، ومحطة المنتزة بداية من شهر مارس.

تأتي هذه الخطوة تمهيدًا لأعمال الإنشاءات الخاصة بمشروع مترو الإسكندرية، خاصةً البنية التحتية للمسار العلوي للمحطات؛ إذ تقام المرحلة الأولى من المشروع على مسار القطار الداخلي بالمدينة، مع تحويل معظم مساره إلى مسار علوي بدايةً من محطة الظاهرية وصولًا إلى محطة أبي قير، وتحويل الطريق أسفل المسار العلوي إلى طريق للسيارات يساهم في حل أزمة الاختناق المروري بالمدينة ويضيف محور أفقي إضافي لمستخدمي السيارات الخاصة والعامة. تتشابه هذه الخطة مع مشروع تطوير ترام الرمل الذي سيتم من خلاله إنشاء محطات علوية تساهم في توسيع طرق السيارات على جانبي المسار الحالي للترام وتضيف طريق رئيسي أفقي يساهم في تخفيف حدة الازدحام المروري. غير أن مشروع تطوير الترام لا يزال في طور الإعداد ولم يُبدأ في تنفيذه. 

تبرز هذه المشروعات التقاطع بين ملف المواصلات العامة وتطوير الطرق وإنشائها، ومدى تأثير كل منهما على الآخر. فمن جهة يساهم إنشاء طرق ومحاور جديدة في سهولة تنقل السيارات عبر المدينة في أزمنة قياسية وسرعة وصول أكبر، فضلًا عن أن تطوير السكك الحديدية يساعد في معدل تقاطر أقل. كما تتيح المواصلات العامة تقليل الازدحام والتكدس المروري بشكل مباشر، بينما تعزز من جودة الخدمات وحالة الاقتصاد الكلي بشكل غير مباشر، فضلًا عن مساهمتها في الملف البيئي، والمشاركة المجتمعية. [1]    


تسعى هذه الورقة إلى رصد المحاور والطرق الجديدة التي جرى إنشاءها في الإسكندرية بداية من عام 2014 وصولًا إلى مطلع السنة الحالية 2024.

إذ يتكامل الهدف منها مع بحث وخريطة المواصلات العامة في الإسكندرية، والذي يركّز على تعزيز تجربة النقل الجماعي في المدينة من خلال رصد الخريطة الرسمية للمواصلات العامة، ورسمها، وتقييم مدى جودة الخدمة المُقدمة للمواطنين.

ولا يُمكن بحال من الأحوال فصل جودة الخدمة -المُمثلة في خطوط سير المواصلات العامة وإتاحتها- عن تحسين وتطوير الطرق وإنشاء طرق جديدة، فضلًا عن تغطية هذه المحاور بخدمات المواصلات التشاركية والعامة. إذ يُمكن اعتبار مشروع مترو الإسكندرية من المشروعات النموذجية للتكامل بين خدمة الطرق سواء بالتطوير أو الإنشاء وبين خدمات المواصلات العامة؛ إذ يشمل المشروع تطوير القطار الداخلي ورفع كفاءته بتحويله إلى منظومة المترو، وأيضًا سيساهم في إنشاء طريق موازي لطريق الكورنيش وطريق الحرية (شارع أبي قير) داخل المدينة لتخفيف الضغط والازدحام المروري.  

اعتمدت هذه الورقة على المصادر الرسمية لمشروعات الطرق والمواصلات في المدينة، من خلال مصدرين أساسيين وهما:

1- أرشيف الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية[2] الذي يسعى إلى رصد مشروعات التنمية التي جرى تنفيذها أو يتم تنفيذها في الوقت الحالي منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في عام 2014.

2- أرشيف موقع مشروعات مصر[3] الذي يقوم برصد وأرشفة المشروعات وتحديث حالتها بشكل مستمر. كما يعتمد البحث على مصادر إخبارية ورسمية ويسعى إلى رصد جميع مشروعات التنمية خلال العقد الماضي؛ إذ حظيت مشروعات ومبادرات التنمية المختلفة باهتمام كبير، خاصةً بعد البدء في تنفيذ رؤية مصر 2030 القائمة على أهداف التنمية المستدامة.[4]

 وفقًا لأرشيف الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية وأرشيف مشروعات مصر، فقد تم البدء أو الانتهاء من 34 مشروع في قطاع الطرق في المدينة في الفترة بين 2014 إلى العام الحالي 2024.

وأضاف الفريق البحثي إلى هذه المشروعات ثلاثة أخرى؛ وهي مشروع تطوير تقاطع شارع 45 مع طريق الكورنيش، والكوبري الرابط بين شارع 45 والطريق الدولي، وأخيرًا تطوير طريق الكورنيش بداية من سيدي بشر وصولًا إلى المندرة، وإنشاء كباري هويس المالح بباب 54 بميناء الإسكندرية. ليصبح إجمالي مشروعات الطرق والمحاور 38 مشروع خلال العقد الماضي. بينما جرى الاستغناء عن أربع مشروعات أخرى تقع خارج نطاق المحافظة؛ وهي، تطوير طريق الإسكندرية مطروح، وتطوير تقاطع الطريق الدائري الإقليمي مع الطريق الصحراوي، وتطوير طريق وادي النطرون- العلمين، وتطوير طريق الإسكندرية الصحراوي. وبذلك يصح العدد الإجمالي للمشروعات التي رُصدت في هذه الورقة 34 مشروع.

تصوير: أحمد ناجي دراز

تتنوع هذه المشروعات بين تطوير طريق سابق أو إنشاء طريق جديد أو وصلة جديدة، أو مشروعات تتعلق بخدمة الطريق من خلال إنشاء كباري للمشاة أو رصف طريق. ليبلغ العدد التفصيلي 28 مشروع لإنشاء طرق أو تطويرها، و6 مشروعات لخدمة الطريق. ووفقًا لحالة المشروعات في الوقت الحالي، فقد تم تنفيذ 29 مشروع، بينما يجري تنفيذ أربع مشروعات، ومشروع واحد فقط تم الانتهاء من المرحلة الأولى منه وهو مشروع كوبري مصطفى كامل (سيدي جابر) على طريق الكورنيش؛ إذ لم يتم الانتهاء من جميع الوصلات الخاصة بالكوبري خاصةً مع تأخر الانتهاء من البرج العملاق الذي جرى التخطيط للكوبري بشكل خاص لخدمة الطريق مع احتمال زيادة التكدس المروري في المنطقة.

تطوير المحاور الرئيسية في الإسكندرية

اعتمدت الإسكندرية لسنوات طويلة على محورين أفقيين، هما طريق الكورنيش، وطريق الزعيم جمال عبد الناصر (الحرية سابقًا- أبي قير)، ومحور واحد رأسي هو طريق قناة السويس؛ حيث يبدأ طريق الكورنيش من قصر المنتزة في شرق المدينة، وينتهي عند قصر رأس التين غربها. بينما يبدأ طريق جمال عبد الناصر من ميدان المندرة وصولًا إلى ميدان ساعة الزهور. وترتبط أغلب الطرق الرئيسية في الأحياء التي يغطيها كلا المحورين بهما، وذلك من خلال امتداد نهايتي الطريقين بطرق أخرى، أو تقاطعهما مع طرق رئيسية. أما طريق قناة السويس فيعد المدخل الرئيسي للمدينة؛ إذ يبدأ من طريق القاهرة الصحراوي، وصولًا إلى تقاطعه النهائي مع الكورنيش في الشاطبي، مرورًا بتقاطع مع طريق جمال عبد الناصر.

يُمكن اعتبار تمركز الطرق والنقل داخل المدينة على ثلاثة محاور فقط من أهم الأسباب التي ساهمت في ضرورة إعادة التخطيط وتطوير وإنشاء الطرق. فمن جانب الخدمات، يساهم حل الأزمة المرورية في سهولة تنقل لمستخدمي المواصلات وأصحاب السيارات. ومن جانب آخر تساهم الطرق الجديدة والتخطيط لمنظومة طرق أفضل إلى سهولة وصول سيارات النقل من الميناء وإليه الذي يعد العصب الاقتصادي الأساسي في المدينة. ومع التزايد المستمر للسكان في المدينة، أصبحت تطوير منظومة الطرق من الأولويات.  

كورنيش إسكندرية, مرور إسكندرية
تصوير: أحمد ناجي دراز

خلال المدة من عام 2014 إلى عام 2024، تم إنشاء 7 محاور رئيسية في المدينة تساعد على حل الأزمة المرورية داخل المدينة أو تسهيل التنقل إلى خارجها، وتعزيز سهولة وصول سيارات النقل إلى الميناء، وهي: محور المحمودية الجديد، ومحور أبو قير، ومحور ميناء أبو قير، ووصلة ميناء الدخيلة، ومحور 54 داخل ميناء الإسكندرية، ومحور التعمير، ووصلة سيدي كرير– المطار.

ففي أغسطس 2020، تم الانتهاء من مشروع محور المحمودية بعد توسيع حارات الطريق المار على ضفاف ترعة المحمودية، وردم أغلب أجزائها على طول الطريق، ما ساهم في تخفيف الضغط على المحاور الأفقية السابقة؛ إذ ساعد طريق المحمودية في سهولة التنقل من حي وسط إلى حي المنتزه دون الاعتماد على طريق الكورنيش أو طريق جمال عبد الناصر. وفي عام 2022 مع الانتهاء من إنشاء نفق أنور السادات الذي يقع في تقاطع طريق 45 مع طريق الكورنيش، بدأت ملامح محور رأسي آخر يتشكل في المدينة من خلال توسيع طريق 45، وإضافة حارات له، وربطه بطريق 45 الدولي من خلال إنشاء كوبري علوي يربط الطريقين ببعضهما، وبذلك يشارك طريق 45 مع طريق قناة السويس في اعتبارهما المحاور الرئيسية التي تسهل الدخول إلى المدينة والخروج منها.

وفي الوقت الذي يجري فيه تطوير شارع 45 وتهيئته ليكون المحور الرأسي الآخر، لم يتم الاستفادة بشكل كامل من محور المحمودية الجديد الذي تم الانتهاء منه منذ أكثر من سنتين، وذلك على الرغم من الجوانب السلبية الكبيرة التي تعرض لها مستخدمي الطريق خاصةً سكان المناطق المجاورة للطريق؛ فقد ساهم تحويله إلى طريق سريع في تعرض حياة السكان للخطر، خاصةً أن الحياة اليومية متصلة بين جانبي الطريق. ولا ينحصر ذلك على محور المحمودية، وإنما يتجاوز إلى أغلب مشروعات تطوير الطرق وخدمتها، خاصةً التي تمر على تجمعات سكانية؛ إذ لم يتم مراعاة الجانب الإنساني للمستخدمين، فضلًا عن الأبعاد البيئية التي لم يتم مراعاتها بشكل كافي لتحويل المسطح المائي والمسطحات الخضراء على جانبيه إلى طريق سريع، وتعويض تلك المساحات في التصميم.

لم يتم الاستفادة بشكل كامل من محور المحمودية الجديد، فالغرض الرئيسي من إنشائه هو إقامة محور أفقي آخر يساهم في حل الاختناق المروري والتكدس على طريقي الكورنيش وجمال عبد الناصر من جهة، وإتاحة طريق سريع للسيارات تستطيع من خلاله الوصول إلى شرق المدينة وغربها بسهولة. وقد كان أحد الأسباب الرئيسية لتعطل طريق المحمودية القديم هو مرور المشاة من خلال الطريق، خاصةً أن المحور يعبر عدة أماكن سكنية في المدينة؛ مثل حجر النواتية وكوبري الناموس، وكابو ومحرم بك. ولذلك جرى إنشاء كباري للمشاة، وغلق مسار المشاة في منتصف الطريق بالخرسانة، ليصبح المحور مُسّخرًا بشكل أساسي للسيارات، مع زيادة عدد الحارات. بينما يعتمد المشاة على الكباري للعبور إلى الجانب الآخر مع فتح الطريق دون إشارات مرور.

ولكن الواقع لا يشير إلى تحقق الأهداف الأساسية؛ إذ لا يعتمد المشاة على الكباري لعبور الطريق إلى الجانب الآخر وذلك لصعوبة المرور بها خاصة مع ارتفاعها الضخم، وقلة عددها مقارنةً بطول المحور، وعدم اعتمادها على سلالم كهربائية، فضلًا عن غياب عناصر الأمان مساءً، إذ تنقطع الكهرباء عن أغلب كباري المشاة، ولا يتوفر أي قدر من الحراسة. كل هذه العناصر ساهمت في ميل أغلب السكان إلى الاعتماد على عبور الطريق السريع، ومع غياب إشارات المرور أصبح عبور الطريق أخطر، وهو ما يجعل السائقين يميلون إلى تخفيف سرعاتهم خاصةً عند المرور على طرق سكنية، وهو ما يعزز الاختناق المروري، خاصةً أن السيارات تميل إلى تهدئة السرعة في أماكن كثيرة حيوية.

الأمر الآخر في تطوير الطرق الرئيسية هو أن منظومة المواصلات العامة لم يتم تحديثها وفقًا لإضافة المحور الجديد. فعلى عكس بقية المحاور التي تركز على خدمة سيارات النقل الثقيل، وتسهيل الوصول إلى ميناء الإسكندرية أو ميناء أبي قير، يخدم المحمودية السكان بشكل أكبر وبالتالي يعتمدون عليه في رحلاتهم اليومية. ولكن لم يتم إنشاء أو تطوير خطوط سير رسمية في المحور الجديد، واكتفت خطوط السير التي كانت تعبر طريق المحمودية بالتزام خط سيرها بعد تطوير المحور. ووفقًا لخريطة المواصلات الرسمية، نجد أن خطوط السير الخاصة بمناطق العوايد، وأبو سليمان، وكوبري الناموس، وكرموز هي نفسها التي كانت تعبر الطريق القديم، ولم يتم استغلال المحور الجديد بإضافة خطوط سير جديدة تساهم في تعزيز شبكة المواصلات، وخدمة السكان على الطريق أو إعادة هيكلة خطوط السير. فقد احتفظت المواصلات الرسمية- سواءً كانت أتوبيسات أو ميكروباصات (مشاريع)- بخطوط مسارها ولم يتم تحديثها وفقًا للطرق المطورة. بينما انحصرت المواصلات التي تعبر الطريق بعد تحديثه على مسارات غير رسمية. 

تطوير الطرق والكباري

تصوير: أحمد ناجي دراز

شهدت السنوات العشر الماضية العديد من المشروعات في قطاع تحديث خطوط الطرق والمواصلات، سواءً من خلال تطوير طرق سابقة أو إنشاء طرق جديدة. ويبلغ إجمالي مشروعات الطرق والكباري 23 مشروع؛ إذ يمكن اعتبار ملف الطرق والمواصلات أحد أهم أولويات عمل الحكومة في السنوات السابقة. ولم تكن الإسكندرية استثناءً عن بقية المحافظات التي شهدت نفس الطفرة في مشروعات الطرق. غير أن التخطيط لتطوير منظومة الطرق لم يعنَ بدرجة كبيرة بالأبعاد البيئية والجوانب الإنسانية للمستخدمين. فيُمكن ملاحظة أن الغرض الرئيسي في تطوير الطرق يهدف إلى سهولة وصول السيارات والمركبات المختلفة، وإتاحة طريق واسع ممهد وأحيانًا مختصر للوصول إلى الوجهة، بينما لم يتم مراعاة تفاعل السكان والمستخدمين مع هذا الشكل من التطوير، أو مراعاة الجوانب البيئية والآثار التي ستترتب على إقامة المشروع.

ولعل أحد أهم مشروعات الكباري في المدينة هو كوبري مصطفى كامل الذي يبدأ من منطقة رشدي وينتهي عند مستشفى القوات المسلحة في سيدي جابر، خاصةً أن المشروع أقيم في قلب المدينة الحيوي، وتسبب في وقت إنشاؤه في تغيير خطوط السير، وتعطل طريق الكورنيش؛ الطريق الأكثر حيوية في المدينة. كانت المنطقة تسع قبل إقامة الكوبري سبع حارات في كل اتجاه، وغالبًا ما يشهد الاتجاه العائد من وسط المدينة تكدسًا مروريًا خاصةً عند تقاطع شارع المشير مع طريق الكورنيش، وازدحام منطقة المطاعم في رشدي. ولكن مع إقامة المشروع، قُلصت حارات الكوبري لتصبح سبع حارات أفقية، وحارتين أسفل الكوبري. هذا التقليل من عدد الحارات لم يكن السبب الأكبر لتخلف المشروع عن هدفه، وإنما زيادة تكدس الأشخاص على المنطقة خاصة مع إقامة مجمع خدمات في مساكن سيدي جابر للضباط، وعدة مطاعم في شارع المشير، ومنطقة ترفيهية على الشاطئ، مع تحويل جزء كبير من الجراج تحت الكوبري إلى منطقة خدمات، بالإضافة إلى إنشاء مطاعم ومقاهي صغيرة أعلى الكوبري ومناطق انتظار، ما عزز من تعطل السيارات العابرة فوق الكوبري وأسفله، وتعطل الخروج من شارع المشير الذي ازدحم من خلال إقبال المستخدمين على منطقة الخدمات. وعلى جانب آخر، ساهم المشروع بشكل كامل في حجب الشاطئ عن رواد الطريق. فمقابل ارتفاع الكوبري الذي كان من الممكن أن يعزز من رؤية البحر، ارتفعت أبنية المنطقة السياحية والترفيهية في الشاطئ لتحجب الرؤية، فضلًا عن غياب الخدمات وتنظيم المرور في المنطقة. وبالتالي لم ينجح المشروع في تحقيق أهدافه بتجنب الازدحام المروري الذي من الممكن أن ينشأ من إقامة المشروع السياحي والترفيهي في المنطقة، بل على العكس ساهم في تعزيز المشكلة بدلًا عن حلها. ولا يزال مشروع كوبري مصطفى كامل قيد التنفيذ؛ إذ لم يتم الانتهاء سوى من المرحلة الأولى بافتتاح منطقة الجراج، والكوبري للسيارات، ولحين الانتهاء من البرج سيظل المشروع قيد التنفيذ.  

أما تطوير تقاطع شارع 45 مع طريق الكورنيش من خلال نفق أنور السادات، فقد أبرز غياب دراسة الأثر البيئي أثناء عملية التخطيط. إذ تم إنشاء نفق يسهل من خروج السيارات المتجهة إلى وسط المدينة من شارع 45 بدلًا عن استخدام الدوران للخلف على طريق الكورنيش، خاصةً أن الطريق في منطقة العصافرة لا يستوعب غير ثلاث حارات، وبالتالي يسبب بعض من الازدحام. وكذلك سهل النفق من دخول السيارات القادمة من منطقة المنتزة إلى شارع 45 دون المرور على منطقة ميامي المزدحمة. وعلى الرغم من الأهداف المعلنة للمشروع من خلال تسهيل طريق السيارات، نجد أن المشروع قد أنشأ طبقات خرسانية في البحر، ومد من مساحة الطريق على حساب الشاطئ الذي أُقيم صناعيًا بعد نهاية المشروع، ليظل التساؤل بقوة عن مدى جودة المشروع مع الضريبة الهائلة له. الأمر الآخر أن السيارات المسرعة المتجهة إلى وسط المدينة تتوقف عند منطقة ميامي التي تعاني من ازدحام أغلب أوقات السنة مع محدودية عدد الحارات بها، وبذلك يصعب استيعاب الهدف من المشروع. غير أن مشروع إقامة كوبري يربط بين شارع 45 والطريق الدولي عابرًا شارع مصطفى كامل، بالإضافة إلى توسيع ش 45 وتحويله إلى طريق سريع يشير إلى أن النفق يُعد المرحلة الأولى لإنشاء محور رأسي، ولكن سيظل نهاية الطريق المتقاطع مع طريق الكورنيش مزدحمًا بمناطق أقل عددًا في الحارات، فضلًا عن غياب الجانب الإنساني لحيوية شارع 45؛ إذا تم تحويله إلى طريق سريع دون وجود إشارات كافية أو خدمة طريق تساعد المشاة، وتهيئ لهم خدمة حقيقة.

خدمة الطريق

تصوير: أحمد ناجي دراز

يُشار إلى مشروعات خدمة الطريق عند الحديث عن المشروعات التي تسعى إلى تهيئة الطريق لمرور السيارات بشكل غير مباشر، مثل إقامة كباري المشاة، أو رصف الطريق؛ إذ تركز على تهيئة الطريق للمشاة، لإتاحة تجربة تنقل ووصول أفضل للسيارات، وبالتالي تساهم في تعزيز الوصول المشروع إلى هدفه بشكل متكامل. وخلال العشر سنوات الماضية، جرى إنشاء 6 مشروعات مختلفة يُمكن تصنيفها أنها تندرج تحت بند خدمة الطريق، منها مشروعان لإقامة أو تطوير كباري مشاة علوية، وهما تطوير كوبري مشاة مدرسة نبوية موسى، وإنشاء 7 كباري مشاة بطول محور المحمودية الجديد، فضلًا عن أربع مشروعات رصف للطريق يجري تنفيذ ثلاثة منها في الوقت الحالي بحسب أرشيف مشروعات مصر. ولعل أحد أهم مشروعات الرصف المعطلة لوقت طويل هو رصف طريق مصطفى كامل؛ إذ جرى تعطيل عملية الرصف لوقت طويل ولأسبابٍ مختلفة، آخرها انتظار الانتهاء من الكوبري الواصل شارع 45 بالطريق الدولي. ويُمكن ملاحظة سوء التخطيط خاصةً في التوقيتات الزمانية والتكامل بين المشروعات؛ إذ أن مشروع تطوير طريق مصطفى كامل جرى البدء في تنفيذه من عام 2017، ولم يتم الانتهاء منه حتى الآن.

أما عن مشروع إقامة 7 كباري للمشاة بطول محور المحمودية الجديد، فقد سبق لنا الحديث عن غياب التخطيط للأبعاد الإنسانية للمستخدمين، ما جعل المشروع يفشل في الوصول إلى هدفه بتهيئة الطريق للسيارات السريعة من خلال إتاحة كباري مشاة بحيث لا يتقاطع طريق المشاة مع الطريق السريع. ولعل جودة مشروعات خدمة الطريق هي المعيار الأكثر ملاحظةً في نجاح أو فشل المشروع؛ إذ يعزز الاستثمار في مشروعات تهيئة الطريق من نجاح مشروع الطريق نفسه.

ولعل الأمثلة التي طرحناها خلال هذه الورقة كافية للتدليل على أن مشروعات الطرق والمواصلات مشروعات تكاملية وذات طبيعة مركبة ومعقدة، ويمكن أن يؤدي رفع جودة مشروع خدمة طريق إلى نجاح مشروع الطريق بأكمله، وبالتالي المساهمة في الاقتصاد الكلي.

خريطة الطرق والمحاور الإسكندرية
خريطة الطرق والمحاور

[1] الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية، “كيف تنتقل داخل المدينة؟ مواصلات الإسكندرية العامة”، 2024. http://tinyurl.com/ysct3k7z

[2]    https://www.presidency.eg/ar/

[3]   https://egy-map.com/

[4] الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية، “مدخل إلى المشاركة المجتمعية: مفهوم المشاركة المجتمعية، ومسارات تعزيزها في مصر”، فبراير 2023.  https://www.hcsr-eg.org/introduction-of-civic-participation/  

اقرأ ايضًا:

اشترك في قائمتنا الأخبارية