يوافق يوم 15 أكتوبر اليوم العالمي للمرأة الريفية، وتعرفها الأمم المتحدة بأنها المرأة التي تقيم و/أو تعمل غالبًا في المناطق الزراعية والساحلية والحرجية. ويشمل هذا التعريف المرأة التي تمارس عملًا بأجر أو بدون أجر، والتي تقوم بأنشطة منتظمة أو موسمية، والتي تزاول عملًا زراعيًا أو غير زراعي. وتقوم بإعداد الطعام وإدارة شؤون الأسرة المعيشية ورعاية الأطفال وغير ذلك من الأنشطة وتعمل في الصناعات المنزلية أو الصناعات المعتمدة على الموارد الطبيعية.
وخلال عامي 2020 و2021، كانت المرأة الريفية هي الأكثر تأثرًا بعدم الاستقرار الاقتصادي الذي تسببت فيه جائحة كوفيد-19، وذلك اعتبارًا لمسؤوليتها المزدوجة في الأعمال المنزلية بجانب عملها خارج المنزل في القطاع الزراعي، فنجد قرابة النصف من ساكنات الريف المصري يعملن في الزراعة بنسبة 51%، والمشاريع الأسرية بدون أجر بنسبة 32%، كما أن 99.3% من العمالة الزراعية النسائية غير رسمية طبقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ببحث القوى العاملة 2021، ومنظمة العمل الدولية عن العمالة غير الرسمية لعام 2019.
وبالرغم من العمل الشاق التي تقوم به النساء الريفيات في مصر، إلا أنهن يتقاضين أقل دخل وأصول مادية مقارنة بنظرائهن من الرجال الريفيين، فغالبية العمالة الزراعية غير منتظمة، ويترتب على ذلك أن النساء العاملات به لا يترتب لهم حقوق وظيفية أو ضمان اجتماعي وبالتالي وضعهن الوظيفي والمادي غير مستقر، فنجد أن النساء يمثلن 71% من العمالة الموسمية التي يكون أجرها زهيد وغير مستقر كما أن 8% منهن فقط مؤمن عليهن صحيًا.
بالإضافة لذلك، لا زالت النساء الريفيات يحرمن من ميراث الأراضي، بالرغم من مشاركتهن على قدم المساواة بالعمل فيها، وأنهن مستحقات قانونيًا لميراثها، حيث أن 2% من النساء المصريات يمتلكن لأرض وذلك وفقًا لإحصاءات المسح السكاني الصحي لعام 2014.
على الصعيد الآخر، تولي المبادرات الحكومية نظرها للمرأة الريفية والمرأة المعيلة في تخطيط مشاريعها، ولكن يمكن ملاحظة أن تلك المشاريع لا تتسم بالشمول لتحسين أوضاع الريفيات المادية ككل، حتى بعد انتشار جائحة كوفيد-19 بقوة في مصر، فتركز معظم المشاريع على إقراض النساء للقيام بمشاريع صغيرة ومتناهية الصغر، كمبادرات حياة كريمة، وباب رزق، أو برامج تكافل وكرامة التي تزود النساء بدخل شهري تحت شروط معينة.
ولكن من الأولى التركيز على إقامة مشاريع شاملة تضع النساء الريفيات وأوضاعهن المعيشية محل اعتبار على المستوى التشريعي والحكومي؛ فأولًا: يجب على وزارة القوي العاملة القيام بدورها المنوط بها لتنظيم أوضاع عمال الزراعة الموسميين بموجب المادة 26 من قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003؛ من خلال إلزام أرباب الأعمال بتوفير ظروف عمل مناسبة للنساء الريفيات وبمقابل لائق ومتساوي لأقرائهن من الرجال.
ثانياً: يجب على وزارة التضامن الاجتماعي القيام بدورها وتوفير آليات عمل للسماح باشتراك العمالة الغير منتظمة (من ضمنها العمالة الزراعية الموسمية بموجب المادة الثانية من قانون رقم 148 لسنة 2019) بالتأمينات الاجتماعية (معاش الشيخوخة والوفاه والعجز – وتأمين المرض) ومن ثم توفير لهن الحماية الاجتماعية بمفهومها الشامل.
كما أنه من المهم متابعة استيفاء ميراث النساء الريفيات من الأراضي، وذلك من خلال الآليتين القضائية والحكومية. وفي اليوم العالمي للمرأة الريفية، نستغل هذه الفرصة لتسليط الضوء على جزء من المشكلات والتحديات الحياتية التي تواجهها النساء الريفيات في مصر ووضعهن على أجندة تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.