الماء عصب الحياة. ولا غنى عن مياه الشرب المأمونة وخدمات الـصرف الـصحي للحفاظ على الحياة والصحة، فهي أساسية للحفاظ على كرامة الجميع. ومع ذلك فإن المسح السكاني الصحي التي أجرته منظمة اليونيسف لمصر في عام 2014 وتقرير الصحة العالمي 2015 الصادر من منظمة الصحة العالمية التابعان للأمم المتحدة انه في 2014 حصل 91% من المصريين على المياه بشكل مباشر إلى مساكنهم بينما في المناطق الريفية وفي المناطق العشوائية بالحضر ٧.٣ مليون شخص محرومون من الوصول لمياه شرب نقية، منهم ٥.٨ مليون شخص في المناطق الريفية و١.٥مليون شخص في المناطق الفقيرة داخل المدن الحضرية، كما أن المناطق الريفية تصل نسبة شبكات المياه الشرب الموصولة للمساكن إلى 88% فقط، وتصل النسبة في المناطق الغير مخططة العشوائية والفقيرة إلى نسبة 77 % فقط من السكان في تلك المناطق حيث ان هذه التوصيلات معظمها غير قانوني (بدون عداد مياه)
وبينما تصل شبكة الصرف الصحي إلى 98% من السكان في المناطق الحضرية تهبط تلك النسبة في الأرياف لتصل إلى 85% كما ان هناك 10% من المصريين لم يستفيدوا حتى الآن من الوصول إلى شبكة صرف صحي حديثة، كما ان وصول المياه النظيفة للشرب والصرف الصحي للمدارس بنسبة تصل إلى 98% في المناطق الحضرية مقارنة بالريف التي تصل إلى 84%.
في حين أن هذه الأرقام تكشف عـن (٧.٣ مليون شخص محرومون من الوصول لمياه شرب نقية فإن الواقع أسوأ بكثير، وذلك لأن ملايـين الفقـراء المقـيمين في مستوطنات عشوائية يسقط ذكرهم من الإحصاءات الرسمية. ويمكن تتبع جذور الأزمة الحالية في المياه والصرف الصحي إلى الفقر وانعدام المساواة وعلاقات القوى غير المتكافئة، وتـزداد هذه الأزمة تفاقماً بفعل التحديات الاجتماعية والبيئية: تسارع التحضر وتغير المناخ والتلوث.
وقد أعلن المهندس ممدوح رسلان رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف انه في عام 2019 بلغت تغطية مياه الشرب 98% من السكان على مستوى الجمهورية بعدد مشتركين يصل إلى 15.1مليون مشترك، وتغطي شبكة الصرف الصحي حوالى59.7% من عدد السكان بواقع 94%فى الحضر و36% للريف، ويبلغ إجمالي عدد القري المخدومة 1047قرية بنسبة 22% هم الذين يحصلون على شبكات صرف صحي في الأرياف بعدد سكان يصل إلى 11 مليون نسمة فقط من أصل 4740 قرية بعدد سكان 50مليون نسمة وهم القاطنين فى المناطق الريفية على مستوى الجمهورية.
ولكن هذا المؤشر الكمي لا يخبرنا بالرواية كاملة. فشبكات المياه في المناطق الريفية ذات نوعية سيئة ولا تتم صيانتها بشكل منتظم، الأمر الذي يتسبب في تسريبات وأعطال في محطات تنقية المياه، كما أن الملوثات الزراعية والصناعية ومياه المجاري تتسرب هي الأخرى إلى شبكات المياه، الأمر الذي يعرض الناس لمخاطر صحية. وهو ما يساهم في انتشار الأمراض التي تؤثر سلباً وبشكل كبير على صحة الأطفال وتغذيتهم حيث يعد الإسهال السبب الرئيسي الثاني لوفيات الأطفال دون الخامسة في مصر بعد أمراض الجهاز التنفسي الحاد، وترجع معظم حالات الوفاة المرتبطة بالإسهال إلى الجفاف بفقدان كمية كبيرة من المياه والسوائل، وتشير الإحصاءات إلى وفاة ما بين ٣٥٠٠ إلى ٤ آلاف طفل سنوياً بسبب الإسهال.
وبالرغم من أن الحق في المياه النقية هو أحد عناصر الحق في الطعام الكافي والمسكن الملائم والصحة. بدون إتاحة المياه النقية، تصبح كل تلك الحقوق بعيدة المنال، وينهار معها مبدأ الحق في مستوى معيشة لائق. وقد ورد في المادة 79 من الدستور 2014 أن لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف وماء نظيف. ورغم أن هذه المادة تعترف بالحق في المياه النظيفة، فإنها لا ترغم الدولة على تقديم المياه النظيفة لمواطنيها. من جهة أخرى، فإن المادة 45 تلزم الدولة “بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية” وتحظر التعدي عليها أو تلويث الموارد المائية.
وتعالج المادتان 176 و177 طرق تقديم الخدمات على المستوى المحلى. تنص المادة 176 على أن القانون ينظم “وسائل تمكين الوحدات الإدارية من توفير المرافق المحلية والنهوض بها وحسن إدارتها”. بينما تلزم المادة 177 الدولة بضمان التوزيع العادل للمرافق والخدمات والموارد (بين الوحدات المحلية). أما المادة 83 فتركز على احتياجات الجماعات الخاصة، وتلزم الدولة بأن تراعى في تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين. ورد ذكر إدارة الخدمات العامة أيضا في المادة 171 التي تعطى رئيس الوزراء سلطة إصدار “القرارات اللازمة لإنشاء المرافق والمصالح العامة وتنظيمها بعد موافقة مجلس الوزراء”
هل ترون ان إجراءات الحكومة تطبق مبادئ العدالة الاجتماعية في عد التميز بين المواطنين في الوصول لمياه نظيفة واستخدام مرافق الصحي؟
وأخبرونا عن مشاكل وصل المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي لمدنكم